التحول في أسواق العمل، ودور تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في خلق وظائف جديدة

التحول في أسواق العمل، ودور تكنولوجيا المعلومات والإتصالات

في خلق وظائف جديدة

أ. د. محمد شاهين 

مساعد رئيس الجامعة لشؤون الطلبة

حيث أن فلسفة أهداف التعليم بعامة والتعليم العالي بخاصة تقوم أساساً على الإسهام في تحقيق التنمية في المجتمع، وتلبية متطلباته واحتياجاته، فإن التعليم العالي هو المصدر الرئيس لتكوين المهارات والكفاءات البشرية العالية في الموارد البشرية باعتباره أهم الموارد لإحداث التنمية.

إن الواقع والمعطيات للحالة الفلسطينية تفيد بالآتي:

  1) تشير بيانات وزارة التربية والتعليم العالي الى أن عدد الطلبة المسجلين في الجامعات والكليات الجامعية وكليات المجتمع المتوسطة للعام الدراسي (2015/2016) قد بلغ (216,207) طالب وطالبة منهم (85,248) ذكور و (130,959) إناث، موزعين على (50) جامعة وكلية في فلسطين، ونجد أن مجال العلوم الاجتماعية والأعمال التجارية والقانون هو أعلى تخصص يتوجه إليه الطلاب بواقع (39,474) طالباً و (44,610) طالبة.

  2) بلغ معدل البطالة بين الشباب حوالي (40%) (حوالي (33%) للذكور و(65%) للإناث)، وذلك خلال الربع الأول من عام (2017م)، وهذا المعدل يفوق المعدل العام للبطالة في فلسطين والبالغ (27%) خلال الربع الأول من عام (2017م)، ومن الملاحظ أن معدل البطالة بين الشباب الخريجين في ارتفاع مستمر مقارنة مع السنوات السابقة، حيث بلغ معدل البطالة بين الشباب الخريجين حوالي (31%) عام (2005)، مقارنة بـــــ (53%) خلال الربع الأول من عام (2017م) ((36%) للذكور و(69%) للإناث).

  3) بلغت نسبة الفقر بين الشباب حوالي (27%)، خلال الربع الأول من عام (2017م).

  4) تشير النتائج إلى أن مجموع الأفراد المشاركين في القوى العاملة الشباب الخريجين الذين يحملون مؤهل دبلوم متوسط فأعلى بلغ حوالي (182) ألف مشارك حوالي (98) ألف خريج منهم عاطل عن العمل أي بمعدل بطالة تتجاوز (50%)، لنجد أنه سنويا تُخرج الجامعات الفلسطينية بالمعدل حوالي (40) ألف خريج، فيما تشير التقديرات إلى أن السوق الفلسطيني المحلي يستوعب حوالي (8) آلاف وظيفة بالحد الأقصى رغم احتياج السوق الى تخصصات غير موجودة لدى الشباب الفلسطيني.

  5) بلغت نسبة الشباب الذين أنهوا التعليم العالي (22.3%) في العام 2015، مقارنة بـ (19.7%) في العام (2013 م).

  6) معدل البطالة طويلة الأجل الذي يقاس بمن يبحثون عن عمل مدة (12) شهراً فأكثر، منتشر بشكل واسع في فلسطين، حيث بلغ (54.8%) ((55.8%) للذكور و(53.0%) للإناث).

  7) أظهرت النتائج أن الشاب يستغرق في المتوسط (13.4) شهر من وقت تخرجه للحصول على الوظيفة الأولى التي تعتبر إما ثابتة وإما مرضية. وإذا استبعد الشباب الذين انتقلوا مباشرة من التعليم إلى أول وظيفة (كأول تجربة في سوق العمل لهم بعد التخرج) من التحليل، فإن متوسط طول الفترة الانتقالية (16.5) شهراً يشير إلى أنها زيادة معتدلة. وفي كلتا الحالتين، كانت أطول فترة انتقال تمر بها الشابات أكثر بـ (1.5) مرة من تلك التي للشبان.

   8) تراجع قدرة الخريجين للدخول إلى أسواق العمل المجاورة خاصة في دول الخليج العربي أو تراجع إتاحة الفرص لهم لدخول سوق العمل الخارجي، وزيادة المنافسة مع دول أخرى توفر عمالة أرخص، وقد تكون أو لا تكون أمهر.

   9) هنالك فجوة تتسع مع تطور التكنولوجيا والتجدد المتسارع في المعارف والمهارات التي يتطلبها سوق العمل بين نتاجات التعليم واحتياجات سوق العمل ← متطلبات متجددة تستدعي تطوير مهارات الخريجين، خاصة مهارات التعلم الذاتي مها ا رت شخصية اجتماعية، ....

  10) واقع اقتصادي صعب للغاية -قطاعات تشغيل غير متنامية في كل المجالات الصناعية/ الزراعية/ الخدماتية (حكومي أهلي خاص) محددات عديدة وفعل الاحتلال والظروف السياسية تلقي بظلالها على كل هذا الواقع.

  11) فرص أدنى لضعف تشغيل الإناث مقارنة بالذكور نظرة تقليدية.

  12) توقعات الشباب الخريجين مرتفعة والفرص محدودة ← قد تسبب حالة من الإحباط أو الإحساس بالفشل، وتخلق مشكلات اجتماعية واقتصادية وحتى أمنية إذا بقي الشباب دون الحصول على فرصة عمل تسهم في تحسين مفهومهم لذاتهم وتقديرهم لها.

  13) غياب لأي سياسة وطنية شمولية للتعليم العالي سواء للخريجين أو للشباب بشكل عام وتشغيلهم ورعايتهم.

  - هذا الواقع يقول بضرورة عدم الانتظار طويلاً للحصول على فرصة، بل السعي لخلق فرصة عمل أسهل في ظل هذا الواقع وأكثر ضماناً.

  - نحن نعول على تكنولوجيا المعلومات ولاتصالات لقدرتها على تحقيق تحول في أسواق العمل وخلق وظائف جديدة، فهي تجعل أسواق العمل أكثر إبتكاراً واشتمالاً وعالمية.

هنالك ثلاثة توجهات تدفع في اتجاه هذا التحول في سوق العمل:

  1 - زيادة الربط الشبكي (أكثر من (120) بلد تصل فيها نسبة استخدام الهواتف المحمولة إلى أكثر من (80%) من مجموع السكان).

  2 - القدرة على العمل عن بعد وتعهد العمل (من خلال تحويل المزيد من أوجه العمل إلى بيانات رقمية).

  3 - عولمة المهارات (وبخاصة مهارات اللغة -بخاصة مهارة اللغة الإنجليزية)

أما عن سبب هذا التحول؟

  1) لأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تتيح نوافذ جديدة لخلق الوظائف وفرص العمل التي تساعد على معالجة البطالة بين الخريجين (الهند والفلبين تجارب حية، حيث أصبحت مراكز رئيسة لتعهد مهام العمل عبر الإنترنت(.

  2) لأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قادرة على ربط الناس بالوظائف، فأسواق التوظيف على الإنترنت تساعد حالياً ما يقرب من (12) مليون شخص من مختلف أنحاء العالم للعثور على عمل من خلال ربطهم بأرباب العمل في جميع أنحاء العالم (موقع بابا جوب في الهند، وسوق تل في الشرق الأوسط وشمال افريقيا).

  3) تخلق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أشكال جديدة وأكثر مرونة في التوظيف والعمل:

ومنها على سبيل أمثلة:

  أ) التعاقد عبر الإنترنت الذي يستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لزيادة السبل للوصول إلى فرص عمل في أنحاء العالم كافة، مثل موقعي ODesk و Elance الذين أعلنا عن حوالي (2.5) مليون وظيفة عام (2012 م)، تتراوح ما بين الكتابة، إلى خدمات العملاء، وتطوير البرامج المحوسبة

  ب) منتديات الأعمال مثل Cloud Factory، Mobile Works، Samasource التي تقوم بتقسيم إجراءات العمل الكبيرة إلى مهام منفردة مجزأة وأصغر حجماً، كإدخال البيانات، والتدقيق، وكتابة النصوص، أو التصميم البياني، وتوزيعها على العمالة في أنحاء العالم كافة ← حيث يقدر المحللون حجم هذا السوق الآن بنحو مليار دولار، ويتوقعون أن يصل إلى (5) مليارات دولار عام (2018 م).

المطلوب أيضاً:

تطوير واقع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فلسطين من أجل خلق فرص عمل، مثل:

  1- صناعة البرمجيات والإلكترونيات الدقيقة خاصة نظم الهاتف المحمول.

  2- إنشاء مركز للصيانة والتوزيع والتركيب.

  3- التعهدات في مجال خدمات تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات.

  4- التدريب على الخط online training، والتقدم للوظائف على الخط online job application، وارسال السيرة الذاتية خطياً.

  5- الدخول إلى منظومات التسويق الإلكتروني وخدماتها.

وأخيراً، وحيث أن في قصص النجاح عبرة، فإن غوبال ماهارجان الذي تخرج من كلية هندسة المعلومات في نيبال حيث بدأ البحث عن فرصة عمل لم يجد أي استجابة. سمع عن وظائف عبر الإنترنت من خلال  Cloud Factory، فشكل هو ومجموعة من أصدقائه فريقاً وتقدموا للعمل، فقبلوا وعينوا في وظائف لبعض الوقت، منها تحويل بيانات قديمة ومكتوبة باليد إلى بيانات رقمية، ومراجعة إيصالات محلات تجارية أو سجلات طبية.

يقول غوبال: "هذه الوظيفة ساعدتني كثيراً، فلم أعد أشعر أنني مختلف عن زملائي الذين حصلوا على فرصة عمل، فأنا لدي مصدر دخل أيضاً، أسرتي تشجعني على عملي، لقد أصبحت شخصاً منتجاً، وقادراً على استثمار وقتي في عمل مجدي، وقد استفدت خبرة إضافية من زملائي ومن شركة التوظيف عبر الإنترنت"

أصبحت فلسفتي تقول: لا تنتظر فرصة عمل قد يطول انتظارها وتأتي أو لا تأتي، بل ساهم في خلق فرصة عمل لنفسك وقد تتمكن من توفيرها لزملائك أيضاً.

== إنتهى==

 * إعداد : أ. د. محمد شاهين / مساعد رئيس الجامعة لشؤون الطلبة