بسام مصباح الأغبر ... من البكالوريس إلى الدكتوراه

 

بسام مصباح الأغبر ... من البكالوريس إلى الدكتوراه

 

في العام 2001 بدأت أولى الخطوات في بناء مستقبل علمي زاهر، انتهت مرحلة الثانوية العامة، وانطلق قطار المرحلة الجامعية، كانت هناك نظرة إلى أهداف بعيدة المدى، وأخرى قريبة التحقيق، أهداف كبيرة بُنيت على أُسس سليمة، التحق طالب الثانوية العامة، بسام مصباح الأغبر، بجامعة القدس المفتوحة – فرع نابلس، وكان حبه للغة العربية وعشقه لها السبب الرئيس لاختياره هذا البرنامج، ووجد ضالته في جامعة فلسطينية فيها مقومات علمية، ورصيد مهني، وتحفيز للطلبة قوي، فجامعة القدس المفتوحة، برأي بسام، وغيره من الطلبة، تفتخر بمناهجها العلمية المحكمة، ومحاضريها الأكاديميين، إضافة إلى سياسة إدارة الجامعة التي تعمل جهدها في تقليل العبء المادي على الطلبة وذويهم، وخاصة في تلك الأعوام، أعوام انتفاضة الأقصى، فالاحتلال قطّع البلاد، وأحكم إغلاق المدن الفلسطينية، وحرم الطلبة من الوصول إلى مقاعدهم الدراسية، وأصبح الكساد الاقتصادي، وندرة الدخل العائلي هو الأساس، فأخذت إدارة جامعة القدس المفتوحة، بوضع خطط للتغلب على هذه الصعوبات والعقبات، فحصل كثير من الطلبة على حقهم في التعليم، من خلال فتح مراكز جديدة مؤقتة ومتعددة ليمارس طلبة القدس المفتوحة حقهم التعليمي، وتقديم ما يُطلب منهم من تقييمات علمية، ومتابعات علمية، إضافة إلى ذلك، فقد حصل كثير من الطلبة على منح دراسية، أو إعفاءات، أو تخفيضات في الرسوم الدراسية، هذا الانتشار الجغرافي في أرجاء الوطن، جعل جامعة القدس المفتوحة قبلة علمية أولى للفلسطينين.

يرى الخريج بسام الأغبر، أن المناهج التعليمية التي درسها في مرحلة البكالوريس، والخطط التربوية التي سار عليها، رسخت لديه قدراً كبيراً من حب العلم، ووضعته في طريق البحث العلمي، وهذه السلسلة من الخطوات العلمية، جعلته يتفوق في مواده الدراسية، ومشروع تخرجه الذي كان اللبنة الأولى في كتابة الأبحاث العلمية، حيث كان عنوانه: "التقديم والتأخير في سورة البقرة"، وتميز هذا البحث بقوة أسلوبه، وتفرده على كثير من الأبحاث الأخرى التي قدمها الطلبة، ويعزو الطالب بسام، هذا الفضل للجامعة وسياستها أولاً، ثم للمحاضرين فيها، ولا سيما الدكتور زهير إبراهيم، الذي كان مشرفاً وموجهاً وعالماً لغوياً.

بعد انتهاء الأغبر من مرحلة البكالوريس تقدم إلى وظيفة التعليم في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وتفوق في نتائج اختبار التربية والتعليم، وانطلق في عمله الجديد، مُتبعاً المنهجية العلمية التي رسخت جذورها جامعة القدس المفتوحة، في قلبه وفكره، وأصبح من بداية تعيينه، معلماً متميزاً للغة العربية في مرحلة الثانوية، ويشارك في لجان الإشراف التابعة لمديرية التربية والتعليم، موظفاً الأسس العلمية التي اكتسبها من جامعته، في تعليمه، من حيث الإدارة الصفية، وتكنولوجيا التعليم، والتغذية العلمية المستمرة، له ولطلبته، هذا التفوق أطلق جرس التنبيه لـ الأغبر، بأن تحقيق الحلم يجب أن يستمر، وبدأت الخطوة الثانية، وهي الالتحاق ببرنامج الدراسات العليا، للحصول على شهادة الماجستير، حيث التحق بسام، بجامعة النجاح الوطنية، لتحقيق هذا الحلم، وتمييز بين زملائه في مرحلة الماجستير، الذين تخرجوا في مرحلة البكالوريس، في جامعات متعددة، وحصل على تقدير عالٍ بينهم، وهو "جيد جداً"، وتميزت أطروحته في الماجستير بالقوة العلمية، والأصالة الفكرية، وربط العلوم الأساسية القديمة بما وصل إليه العلم الحديث، حيث كان عنوانها: "الفونيم وتجلياته في القرآن الكريم، برواية حفص عن عاصم، سورة البقرة نموذجاً" مما جعل إحدى دور النشر تعمل على تبنيها ونشرها، وهذه الرسالة، لم تأتِ وليدة اللحظة، بل كان لها أساس أصيل يعود إلى مرحلة البكالوريس، عندما درس بسام، مقرر "علم أصوات العربية" على يدي مؤلفه العالم اللغوي الشهير البروفيسور "محمد جواد النوري" أحد قامات جامعة القدس المفتوحة، وواضعي مقرراتها، وتابع بسام مسيرته مع العالم النوري في مرحلة الماجستير، فكان مُشرفه ومعلمه الأول، ووالده العطوف.

استطاع بسام بعد مرحلة الماجستير أن يتابع مشواره العلمي، فشرع بنشر أبحاثه العلمية محكمة في مجلات علمية رائدة، وشارك في مؤتمرات علمية داخل الوطن وخارجه، بلغت حتى كتابة هذه الأسطر عشرة أبحاث علمية، كان آخرها، مشاركته في المؤتمر العلمي "قضية الأسرى في الأدب الفلسطيني المعاصر" الذي أقامته جامعة القدس المفتوحة وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، وكان عنوان بحثه "التناص الديني في أدب السجون، ديوان زغاريد السجون نموذجاً" وقد لقي هذا البحث إعجاباً كبيراً من محكمي المؤتمر والحضور.

ولم يتوقف بسام عند نشر الأبحاث، بل التحق بجامعة العلوم الإسلامية الماليزية (USIM) بكلية اللغات الرئيسة، للحصول على درجة الدكتوراة، وقد أنهى الآن السنة الأولى من هذه المرحلة، ويقوم فيها بدارسة لغوية علمية رصينة، تعتمد على ما وصل إليه الفكر اللغوي العربي، من تحليل للغة وتقعيد لها، وقد أهله هذا العلم للدفاع عن أطروحته للدكتوراه والمشاركة في مسابقة علمية تُعقد مرة واحدة كل عام، وهي مسابقة "عرض أطروحة الدكتوراه بـ 5 دقائق" وقد شارك في هذه المسابقة طلبة الدراسات العليا في الجامعات الماليزية، من جنسيات متعددة، وتخصصات مختلفة، وشارك في تحكيمها مجموعة من الأكاديميين من تخصصات متعددة وجامعات مختلفة، وعند إعلان النتيجة، حصل خريجنا بسام مصباح أغبر، على المركز الثاني، وجاء هذا المركز نتيجة مشوار طويل كانت بدايته التعليم الفلسطيني بعامة، وجامعة القدس المفتوحة بخاصة، ويطمح بسام أن يعود إلى أرض الوطن بعد الانتهاء من مرحلة الدكتوراه، والعمل في الجامعات الفلسطينية، خاصة جامعة القدس المفتوحة، ليسدد جزءاً من معروفها، ويخدم أبناء وطنه، وقضيته.

ويختم بسام الأغبر حواره معنا، بقوله: قد يكون الحلم صعب التحقيق أو بعيد المنال، ولكن الإصرار يُحقق المستيحل، والإرادة تهزم التحديات، ولكن علينا أن نؤمن بقدراتنا، وقوتنا، ونجعل رضى الله عنا وعن أعمالنا هو الغاية والمقصد، شكراً جامعة القدس المفتوحة، صانعة الأجيال، وقلعة العلم الحصين.