تهاني سوالمة... المخيم نقطة البداية والنهاية

 

خريجة الجامعة من فرع طوباس الموهوبة في القصة والشعر

تهاني سوالمة... المخيم نقطة البداية والنهاية

طوباس - "القدس" دوت كوم - روان الأسعد - برزت المرأة في شتى التخصصات المختلفة، ونجحت في تقديم نفسها إلى المجتمعات وأبدعت كذلك في حضورها بالساحة الأدبية، ليشكل حضورها ميلادا جديدا يحمل تنويعات مختلفة ويرتاد آفاقا جديدة في الكتابة، حتى باتت منافسا لايستهان به في حصد الجوائز على كافة الأصعدة، لتتصدر أعلى القمم.

تهاني سوالمة، سلكت طريق النجاح وهدفت في كتاباته إلى تسليط الضوء على أحداث المجتمع في جميع الأصعدة، تنقلت بقلمها مابين القصة والشعر والخواطر، وبرعت في مخاطبة القارئ ونقل رسالتها، لتتبنى في كتاباتها معاناة الفتيات في المخيم والإشكاليات التي تتعرض لها.

"أنا لاجئة من حيفا"، هكذا بدأت تهاني حديثها لـ"?" وروت: عشت وترعرعت في مخيم الفارعة وكلي فخر بذلك، اعمل مدرسة لغة انجليزية منذ أربع سنوات، وحاليا أكمل دراسة الماجستير في اساليب تدريس اللغة الانجليزية بكلية بارد في جامعة القدس أبو ديس من خلال منحة حصلت عليها بنسبة ?? بالمئة، وأحب اللغة العربية والإنجليزية على حد سواء، لكني اخترت تخصص اللغة الإنجليزية لتعليمه لما أحمله من شغف كبير داخلي للغة العربية، ومن خوفي على هذا الشغف أن يتحول لروتين وأفقده اذا ما قمت بتدريسه، قررت الحفاظ عليه لينمو ويكبر مع الأيام، وكنت أغذيه بالقراءة والكتابة وأعبر عن كل مافي عالمي.

الموهبة تولد لتصقل ،،

موهبة الكتابة وحب لغة الضاد كانا في ثنايا تهاني من الطفولة، فمن الصف الثالث كانت شهيتها الأدبية مفتوحة للقراءة، وكانت تفضل في وقت الاستراحة أن تتوجه لمكتبة المدرسة لتغذية عقلها وزيادة مخزونها المعرفي على اللعب مع قريناتها، وفي الصف التاسع اكتشفت موهبتها معلمة اللغة العربية في حصة التعبير، وهو ما شجعها أكثر على الكتابة.

تحكي لنا تهاني: منذ الصف التاسع بدأت موهبتي تتبلور وتظهر من خلال معلمتي مها، ودائما ما أذكرها وأدعو لها، لأنها كانت دائما تعرض مواضيعي التعبير للطالبات وتحتفظ بدفتري التعبير لتعرضه على الطالبات اللواتي يأتين بعدها، لدرجة أن الكثير من البنات كن يسألن عني، من هنا بدأ الشغف يكبر. هذا على صعيد المدرسة، أما في البيت فقد كان والدي لديه موهبة كتابة القصيدة المقفاة، لكنه لم يكن ينشر وربما أنا تأثرت به من ناحية حبي للكتابة، لكن والدتي كانت ولازالت الداعم الأكبر لي، فمنذ الصغر كانت دوما تحرص على أن أقرأ لها كل ما أكتب وتشجعني وتحفزني، وبمجرد أن أكتب تكون هي أول من آخذ رأيه.

وتابعت: أجد نفسي في قصائدي النثرية وأميل لها أكثر، خاصة وأنني أكون حرة بها أحلق وأفرد أجنحتي عليها، أعبر عن مشاعري بصور مجازية وجمالية أكثر، أما القصة القصيرة فكان لدي فضول أن أجرب هذا النوع الأدبي ولأكتشف قدراتي في كتابة القصص القصيرة، الجمال والطبيعة والمواقف الانسانية على بساطتها هي مايجذبني لأكتب ويحرك ما بداخلي، وكأن الجمال يدغدغ حواسي الأدبية فتخرج حروفا مكتوبة تعبر عما بداخلي وتحفزني على الكتابة، وأحيانا كثيرة يخف الوهج الداخلي فلا يكون لي قدرة على الكتابة، فالكتابة هي حافز ينبع من داخلنا وينساب وحده دون أدنى إجبار منا، يسقط وحده في لحظات معينة وأحيانا يهرب، تماما كالمشاعر، عفوي وتلقائي دون تكلف.

المشاركات الأدبية ،،

رغم أن تهاني تكتب على مدونتها الشخصية "سنديانة"من باب التوثيق حتى لا تضيع كتاباتها، وليس من باب النشر، فلا أحد غيرها يعرف هذه المدونة، ولا تستخدم مواقع التواصل الإجتماعي كمنصة لإطلاق موهبتها، إلا أنها شاركت بالعديد من المسابقات الأدبية وخاصة في مجال القصة القصيرة لدرجة جعلت الكل يعرفها بهذا المجال دون الإنتباه الى قصائدها المنوعة التي تبحث عمن يتبناها لتخرج في كتاب واحد للنور.

تقول تهاني: أكتب الشعر والقصة القصيرة، فلدي قضية أكتب عنها، فقلمي يتحدث عن المخيم واللجوء، أول مشاركة لي بمجال القصة القصيرة كانت باتحاد الكتاب الفلسطينيين، لم أحصل على أي مرتبة وكان هدفي هو تجربة كتابة القصة القصيرة لاغير، لكن كأول تجربة لي كانت ضمن القصص المميزة التي نشرت من القصص الفائزة، بعد ذلك شاركت في مسابقة مروان مخيبر للابداع الأدبي والفني على مستوى طوباس، شاركت بثلاث نسخ منها برعاية عدنان المجلي الذي كان يقيم المسابقة لرعاية المواهب الأدبية والفنية، وفي مرة فزت بالجائزة الأولى عن الشعر، وفي المرتين الأخريين فزت بالمرتبة الثانية عن نصوص نثرية، كما شاركت بمسابقة غسان كنفاني للقصة القصيرة والشعر، فزت فيها بالمرتبة الثانية، وكانت على مستوى العالم بقصة قصيرة حملت عنوان "مش هيك اتفقنا"، وشاركت بمسابقة نجاتي صدقي للقصة القصيرة وفزت بها بالمرتبة الثالثة عن قصة قصيرة بعنوان "عائدة"، ومشاركتي الأخيرة بقصة "ريحانة" فزت بها بالجائزة الثالثة ضمن جائزة نجاتي صدقي للقصة القصيرة للكتّاب الشباب للعام 2022.

وأردفت: هذه النصوص التي تشارك في المسابقات تمر بلجنة تحكيم لها باع طويل في المجال الأدبي والفوز بها، يعني شهادة الحكام لهذا النص ونضوجه ما يعني حافزا للكاتب، ودافعا قويا يجعله يقبل أكثر على الكتابة بروح مفعمة بالأمل، كما أنها نافذة تفتح مجالا أكبر ليتطلع القراء على هذه الأعمال القصصية الشابة ومنها يستطيع الكاتب أن يحكم على مدى تأثيرها وملامستها لقلوب وعقول القراء، فكل كاتب يكتب ما في جعبته ليس ليبقى سرا بل ليقرأه الكثيرون.

واسترسلت: أما قصائدي، فهي منوعة تتحدث عن فلسطين بشكل خاص وعام، وهنالك قصائد تتحدث عني تصف حالي هذا الحال الغريب، قصائد تحكي عن الأمومة والحب وشعوره بمفهومه بالعام والمطلق والخاص. وأتحدث عن كل شيء وقد أنهيت قصيدتي الأخيرة منذ أيام، وأتمنى أن أنشر قصائدي وخاصة أن ماعرف عني هو كتابة القصص ربما لأنني أشارك فيها بالمسابقات وأحب أن يقرأ الجميع قصائدي.

ريحانة وعائدة ،،
ريحانة وعائدة شخصيات نسائية لهن عالمهن الخاص بهن وكيف يعشن في المخيم لتبرز خصوصية المكان وما فيه من مجريات للأحداث ليكون مسرحا للأحداث الواقعية وانعكاساتها عليهن لتطوعه تهاني وتبني عناصره بيقظة وتحكي قصتها بأسلوب سردي واعٍ.

حيث تقول: ريحانة وعائدة، بعد مسابقة غسان كنفاني صرت أكتب قصصا قصيرة تحمل عناوينها أسماء شخصيات نسائية وهذه القصص كلها تتحدث عن معاناة اللاجئين، فعائدة وريحانة شخصيات مختلفة لكل منها قصتها، لكن تدركان في نقطة واحدة أنهما يعيشان في المخيم، لتجسد معاناة الفتاة بالمخيم والظروف الصعبة التي تعيشها ورغم ذلك تقرر أن تحقق طموحها وأحلامها لتجد وتجتهد في حياتها فنجدها تارة تنجح وأخرى تخفق، البطلة تذهب للمدينة وتواجه تحديات مختلفة، مع مرور الوقت تتأقلم وتتكيف مع البيئة الجديدة لكنها تبقى متمسكة بقيمها ومبادئها.

الصعوبات ،،
حالي حال الكثير من الكتاب، لا يوجد دعم كبير من حيث الطباعة والنشر، فأنا أطمح أن أجمع ما بين يدي من قصائد تتجاوز الثلاثين قصيدة بين دفتي كتاب مطبوع لي، لكن للأسف الطباعة تكون على حساب الكاتب الشخصي، ودائما ما يكون هنالك أولويات كثيرة في الحياة علينا القيام بها إضافة لأن الطباعة والنشر تحتاج لمبلغ مادي ليس بقليل، لذلك أتمنى أن يكون هنالك دعم للمواهب الأدبية الشابة لتستمر بالعطاء والإبداع وتكون ملجأ لها.

مسك الختام ،،

تهاني، التي تقرأ للعديد من الكتاب من بينهم غسان كنفاني، مريد البرغوثي، هاروكي موراكامي، رضوى عاشور وغيرهم الكثير، نصحت كل من لديه موهبة الكتابة أن يقرأ لانها غذاء الروح وهي أساس يرتكز عليه للانطلاق في هذا البحر الواسع. حيث قالت: انا ابنة مخيم وكنت أعيش ظروفا صعبة، لكن لا شيء يبقى ثابت ومن لديه حلم سيتحقق ويصل إلى ما يريد، لذا أشجع الجميع وتحديدا النساء على المضي قدما لتطوير طاقاتهن وتحفيز قدراتهن من اجل بناء مجتمع صالح، ويبقى المخيم يفرض العديد من التحديات من نواحٍ مختلفة ومتعددة، فخصوصية المكان بحد ذاتها تحمل الكثير من المشاعر وتخاطب الأرواح، وأنا فخورة جدا كوني ابنة مخيم يعانق الروح ويبث فيها ما تحتاجه، وأحب كثيرا مخيم الفارعة فهو يشكل نقطة البداية والنهاية.

واختتمت حديثها بقصيدة "امرأة عاديّة":

أنا امرأة عاديّة،
طولي 156 سم.
أنا شجرة ولحاف وغدير،
وبيت معطوب.
أعيش في بلدٍ يتدلّى فيه
الحبّ والأخلاق والشرفاء
من الأشجار.
أغلق الباب ورائي كلّ
مساء وأتجه نحو النهر،
أخيط القصاصات بالدبابيس
لأصنع وطناً آخر حيث أقول
لحبيبي: مدّ يدّك واقطف
مساءً جميلاً آخر.
مدّ عنقك وانظر القمر،
لا تخف إنّه ليس قنبلة.
وطنٌ آخر تؤلمه القسوة
والأقمار المكسورة،
وللطغاة فيه حريّة الموت
بأيّ حذاءٍ يريدون.
وطنٌ الحبّ فيه ليس
شهادة ولادة مؤقتة
أو غرفة للإيجار.

أنا امرأة عاديّة،
أريد أمومتي.
لديّ نصف كيلو من القهوة
وأغنية عاطفية
وخمسة أيام من الوقت الحاضر.
امرأة تبكي بصعوبة أو لا تبكي مثل الحجارة
أو أشدّ قليلاً،
وبكلّ سهول العالم تصرخ "لا"
ولا تفهم
لماذا لم يعد الناس يتحدّثون عن الحكومة.
وتحلم
تحلم، تحلم، تحلم
أنّهم يوزعون الحبّ على الأطفال
وعلى السجناء والنازحين والفقراء
بدلاً من بطاقات الإعاشة.
تحلم ببلادٍ لا تعرف الوكالة
والموت الصاحب للمعنى.

نقلاً عن جريدة القدس تهاني سوالمة... المخيم نقطة البداية والنهاية، الجريدة صفحة 7 | الاحد 2023/01/22